عيكم مبارك وأيامكم سعيدة.على كرسي أحد الثانويات التقنية في دولة بولندا جلست بوزينا وحيدة منعزلة غارقة في شرود عميق قطعه بهدوء شاب أنيق مهذب قدم نفسه قائلا :
- إسمي كريسزتوف ... هل تمانعين إن جلست قربك ؟ .
تلك الكلمات البسيطة كانت بداية علاقة قوية بين الطرفين إنتهت نهاية سعيدة كان عنوانها زواج هادئ مستقر ، كريسزتوف كان يملك محل بيع قطع أجهزة الكمبيوتر بينما تكفلت زوجته بالولدين مالغورزاتا و جاكوب و قد عاش الثلاثة في مدينة لودز لفترة قبل أن يقرروا الإنتقال لمنطقة ستاروا غورا للعمل على إنهاء منزل ريفي عتيق كان ملكا لعائلة بوزينا ، الأمور كانت تسير بشكل سلس بالنسبة للعائلة حتى بداية الألفية حين بدأ عمل كريسزتوف بالركود بسبب دخول القطع الصينية الرخيصة لبولندا ، الأمر الذي أجبر العديد من محلات بيع القطع الأصلية على الإغلاق أو تغيير الوجهة لدولة أخرى بمستوى معيشي جيد لكن كريسزتوف لم يستسلم على غرار الكثيرين و قرر بيع الألعاب المقرصنة كوسيلة لكسب لقمة عيشه و رغم أنها لم تكن تجارة مربحة إلا أنها كانت تضع طعاما على مائدته كل يوم لكن حتى مع فكرة كهذه كان كريسزتوف دوما يفكر في طريقة للعودة للطريق الصحيح من الناحية المالية و يمكن القول أنه ضغط على نفسه بالتفكير أكثر مما يجب .
عائلة كريسزتوف
بدأ كل من بوزينا و كريسزتوف بالتصرف بشكل غريب غير مفهوم بعد محنتهم الصغيرة تلك ، فبوزينا إتصلت بشقيقتها في أبريل عام 2003 لتخبرها أنها ربما قد وقعت في ورطة بينما دعى كريسزتوف حماه ليعلمه كيفية إستعمال سخان الماء في حال سافرت عائلته في " رحلة شتوية " . هذه الحركات غير المألوفة بعثت شيئا من الإرتباك و الخوف في نفس أخت بوزينا ، الأمر الذي دفعها لزيارتها ، لحظة وصولها للمنزل شعرت كأنه فارغ فصراخ الأطفال غير موجود و الجو العام للمكان هادئ ، ضغطت على بوق سيارتها مرتين ثم ترجلت و دقت جرس الباب فإستقبلها كريسزتوف بفظاظة غير مسبوقة منه بل و أمرها بالمغادرة و الإهتمام بشؤونها و قد قام بنفس الفعل مع والدها حين قام بزيارته حيث قال له بتوتر واضح أن يعود لمنزله و أن بوزينا قد ذهبت مع الأولاد لحضور مؤتمر ترفيهي عن السياحة و أنه سينضم لهم بعد بضعة أيام ، كما أكد له أن بقاءهم هناك قد يتأخر لما بعد عطلة عيد الصفح لأنهم قد يقومون بزيارة صديق للعائلة في ألمانيا فلا داعي القلق .
يوم 20 من أبريل و الذي يصادف عيد الصفح قررت أخت بوزينا بعد تفكير طويل مرير الإتصال بصديق العائلة في ألمانيا لكنها تفاجئت بعد الحديث معه بأنه لم يتواصل مع كريسزتوف و عائلته منذ مدة طويلة و لم يخططا قط لأي زيارة ، بسرعة تواصلت أخت بوزينا مع الشرطة لتلبغ عن فقدان أختها و تنقل الضباط فورا للمنزل الذي كان فارغا لكن منظما و مرتبا بشكل طبيعي ، كل شيئ كان في مكانه الصحيح ، عشاء في الثلاجة و أطباق في سلة الصحون كما أن العلية كانت مطلية حديثا ، بدى الأمر كما لو أنهم كانوا فعلا يخططون للعودة و لولا إختفاء جوازات سفرهم و هواتفهم المحمولة فضلا عن تصرف كريسزتوف الغريب لنظرت الشرطة في الإتجاه الآخر و أهملت القضية .
هل هرب كريسزتوف فعلا لألمانيا ؟
إتضح بعد تحقيق أولي أن العائلة قد إستنزفت كل المال من جميع بطاقات الإئتمان قبل الإختفاء كما وجدوا في مذكرات الإبنة حديثا عن مشاكل العائلة المالية ، لم تتم رؤيتهم في أي مطار أو ميناء لكن الشرطة عرفت أنهم تقدموا بطلب للحصول على فيزا أمريكية لكن الطلب قوبل بالرفض ، تحقيق الشرطة تواصل لفترة لكنه لم يفضي لأي نتيجة واضحة لتتم إغلاق القضية و إعتبارها دون حل .
القضية في البداية قد تبدو كحالة هرب عادية لكن إذا إمتلك كريسزتوف و زوجته كل ذلك الوقت للتخطيط فلماذا قاما بالهرب دون توضيب حقيبة واحدة ؟ حالة المنزل أيضا تبقى لغزا آخر فطلاء العلية و طبخ العشاء لا يدلان على أن العائلة كانت تخطط للهرب بأي شكل من الأشكال ، و لماذا تأخر كريسزتوف للإلتحاق بعائلته ؟ و السؤال الأهم هو كيف تختفي عائلة كاملة دون أن تثير أي شكوك ؟ .
النظريات إختلفت حول القضية فهناك من رأى أن الديون قد دفنت كريسزتوف و عائلته مما إضطرهم للهرب من الدولة بإستعمال هويات مزيفة ، و هناك من ذهب للقول بأن العائلة فعلا قد وقعت في أزمة ديون لكن تمت تفصيتها من قبل " جامعي الديون " بعد عجز كريسزتوف و زوجته عن دفع مستحقاتهم و قد تفسر هذه النظرية ربما إتصال بوزينا بأختها و قولها أنها واقعة في المتاعب ، هناك من ذهب لأبعد من ذلك و إتهم كريسزتوف شخصيا بقتل عائلته متحججين ببقائه في المنزل وحيدا بعد الرحيل المزعوم لزوجته و أطفاله ، فلماذا قد يتأخر عنهم لأي سبب غير أنه كان يكذب ! لكن إن كان كريسزتوف قد قتل عائلته فعلا فأين أخفى الجثث و هل هو حقا بهذه البراعة ؟ .
جريمة منظمة أم هروب منظم ؟
حتى اليوم لا يمكننا أن نجد إجابة شافية وافية لكل تلك الأسئلة فما نعرفه هو أن عائلة كريسزتوف قد إختفت لكن مصيرها بعد الإختفاء يبقى حتى يومنا هذا مجهولا .
- إسمي كريسزتوف ... هل تمانعين إن جلست قربك ؟ .
تلك الكلمات البسيطة كانت بداية علاقة قوية بين الطرفين إنتهت نهاية سعيدة كان عنوانها زواج هادئ مستقر ، كريسزتوف كان يملك محل بيع قطع أجهزة الكمبيوتر بينما تكفلت زوجته بالولدين مالغورزاتا و جاكوب و قد عاش الثلاثة في مدينة لودز لفترة قبل أن يقرروا الإنتقال لمنطقة ستاروا غورا للعمل على إنهاء منزل ريفي عتيق كان ملكا لعائلة بوزينا ، الأمور كانت تسير بشكل سلس بالنسبة للعائلة حتى بداية الألفية حين بدأ عمل كريسزتوف بالركود بسبب دخول القطع الصينية الرخيصة لبولندا ، الأمر الذي أجبر العديد من محلات بيع القطع الأصلية على الإغلاق أو تغيير الوجهة لدولة أخرى بمستوى معيشي جيد لكن كريسزتوف لم يستسلم على غرار الكثيرين و قرر بيع الألعاب المقرصنة كوسيلة لكسب لقمة عيشه و رغم أنها لم تكن تجارة مربحة إلا أنها كانت تضع طعاما على مائدته كل يوم لكن حتى مع فكرة كهذه كان كريسزتوف دوما يفكر في طريقة للعودة للطريق الصحيح من الناحية المالية و يمكن القول أنه ضغط على نفسه بالتفكير أكثر مما يجب .
عائلة كريسزتوف
بدأ كل من بوزينا و كريسزتوف بالتصرف بشكل غريب غير مفهوم بعد محنتهم الصغيرة تلك ، فبوزينا إتصلت بشقيقتها في أبريل عام 2003 لتخبرها أنها ربما قد وقعت في ورطة بينما دعى كريسزتوف حماه ليعلمه كيفية إستعمال سخان الماء في حال سافرت عائلته في " رحلة شتوية " . هذه الحركات غير المألوفة بعثت شيئا من الإرتباك و الخوف في نفس أخت بوزينا ، الأمر الذي دفعها لزيارتها ، لحظة وصولها للمنزل شعرت كأنه فارغ فصراخ الأطفال غير موجود و الجو العام للمكان هادئ ، ضغطت على بوق سيارتها مرتين ثم ترجلت و دقت جرس الباب فإستقبلها كريسزتوف بفظاظة غير مسبوقة منه بل و أمرها بالمغادرة و الإهتمام بشؤونها و قد قام بنفس الفعل مع والدها حين قام بزيارته حيث قال له بتوتر واضح أن يعود لمنزله و أن بوزينا قد ذهبت مع الأولاد لحضور مؤتمر ترفيهي عن السياحة و أنه سينضم لهم بعد بضعة أيام ، كما أكد له أن بقاءهم هناك قد يتأخر لما بعد عطلة عيد الصفح لأنهم قد يقومون بزيارة صديق للعائلة في ألمانيا فلا داعي القلق .
يوم 20 من أبريل و الذي يصادف عيد الصفح قررت أخت بوزينا بعد تفكير طويل مرير الإتصال بصديق العائلة في ألمانيا لكنها تفاجئت بعد الحديث معه بأنه لم يتواصل مع كريسزتوف و عائلته منذ مدة طويلة و لم يخططا قط لأي زيارة ، بسرعة تواصلت أخت بوزينا مع الشرطة لتلبغ عن فقدان أختها و تنقل الضباط فورا للمنزل الذي كان فارغا لكن منظما و مرتبا بشكل طبيعي ، كل شيئ كان في مكانه الصحيح ، عشاء في الثلاجة و أطباق في سلة الصحون كما أن العلية كانت مطلية حديثا ، بدى الأمر كما لو أنهم كانوا فعلا يخططون للعودة و لولا إختفاء جوازات سفرهم و هواتفهم المحمولة فضلا عن تصرف كريسزتوف الغريب لنظرت الشرطة في الإتجاه الآخر و أهملت القضية .
هل هرب كريسزتوف فعلا لألمانيا ؟
إتضح بعد تحقيق أولي أن العائلة قد إستنزفت كل المال من جميع بطاقات الإئتمان قبل الإختفاء كما وجدوا في مذكرات الإبنة حديثا عن مشاكل العائلة المالية ، لم تتم رؤيتهم في أي مطار أو ميناء لكن الشرطة عرفت أنهم تقدموا بطلب للحصول على فيزا أمريكية لكن الطلب قوبل بالرفض ، تحقيق الشرطة تواصل لفترة لكنه لم يفضي لأي نتيجة واضحة لتتم إغلاق القضية و إعتبارها دون حل .
القضية في البداية قد تبدو كحالة هرب عادية لكن إذا إمتلك كريسزتوف و زوجته كل ذلك الوقت للتخطيط فلماذا قاما بالهرب دون توضيب حقيبة واحدة ؟ حالة المنزل أيضا تبقى لغزا آخر فطلاء العلية و طبخ العشاء لا يدلان على أن العائلة كانت تخطط للهرب بأي شكل من الأشكال ، و لماذا تأخر كريسزتوف للإلتحاق بعائلته ؟ و السؤال الأهم هو كيف تختفي عائلة كاملة دون أن تثير أي شكوك ؟ .
النظريات إختلفت حول القضية فهناك من رأى أن الديون قد دفنت كريسزتوف و عائلته مما إضطرهم للهرب من الدولة بإستعمال هويات مزيفة ، و هناك من ذهب للقول بأن العائلة فعلا قد وقعت في أزمة ديون لكن تمت تفصيتها من قبل " جامعي الديون " بعد عجز كريسزتوف و زوجته عن دفع مستحقاتهم و قد تفسر هذه النظرية ربما إتصال بوزينا بأختها و قولها أنها واقعة في المتاعب ، هناك من ذهب لأبعد من ذلك و إتهم كريسزتوف شخصيا بقتل عائلته متحججين ببقائه في المنزل وحيدا بعد الرحيل المزعوم لزوجته و أطفاله ، فلماذا قد يتأخر عنهم لأي سبب غير أنه كان يكذب ! لكن إن كان كريسزتوف قد قتل عائلته فعلا فأين أخفى الجثث و هل هو حقا بهذه البراعة ؟ .
جريمة منظمة أم هروب منظم ؟
حتى اليوم لا يمكننا أن نجد إجابة شافية وافية لكل تلك الأسئلة فما نعرفه هو أن عائلة كريسزتوف قد إختفت لكن مصيرها بعد الإختفاء يبقى حتى يومنا هذا مجهولا .