💢 حصري - دماء وقضبان وهلاوس (قضية انتحار آدم في بنجلادش)

2023/1/29
التعديل الأخير بواسطة المشرف: 2023/1/29
المشاهدات: 431
الردود: 2

التعديل الأخير بواسطة المشرف: 2023/1/29

جرائم حقيقية. (2)

دماء وقضبان وهلاوس.

«السلام عليكم»

من أخبث حيل الشيطان التي يدخل بها للإنسان هو أن يقنعه أنه مختلف عن البشرالآخرين,
مختار من السماء للقيام بدور بين أهل الأرض.
وقتها يبدأ في تقمص شخصية رجل دين ثم يتجاوز ذلك ليظن أنه رسول وفي بعض الأحيان يصل الوهم إلى أبعد من ذلك.
وهذا هو ما حدث بالضبط مع شخصية قصتنا وكانت النهاية مأساوية.
...............................................................
*في عملهما كسائقي قطارات, شاهد "عبد المتين" و"محمد عنايت خان" العديد من الأحداث المؤسفة والحوادث المأساوية لكنهما لن ينسيا طوال حياتهما ما رأياه في ذلك اليوم...
يوم 11 يوليو عام 2007.
في هذا اليوم كان الإثنين يقودان القطار السريع رقم 254 الذي يسير بين مدينتي "جامالبور" و "ميمينسينغ" في دولة بنجلادش, دخل القطار"أتخار" في منطقة "كاشار" فجأة راى الإثنين منظرًا رهيبًا...
على مرمى البصر أمامهم كان هناك مجموعة من 9 أشخاص رجال ونساء وأطفال يسيرون على شريط السكة الحديد من الجانب الأيسر قبل أن يتوقفوا ويجلسوا فوق القضبان في مواجهة القطار.
حاول الإثنان بكل الطرق تجنب ما سوف يحدث من خلال إطلاق أبواق القطار وسحب فرامل الطواريء..
لكن ..
فات الأوان لمنع الحادث المأساوي ولا توجد طريقة لإيقاف القطار.
بعد ثوان كان القطار ينقض بكل سرعته وعنفه على المجموعة البشرية ويسحقهم أسفله.
كان الاصطدام كافيًا لتقطيع أوصال هؤلاء الأشخاص عبر عدة كيلومترات من خط السكة الحديد,
لم يتحمل عبد المتين المنظر الذي شاهده فسقط مغشيًا عليه.
ورغم ذلك فإن القطار لم يصدم الإشخاص ال9 كلهم لكن كان هناك أثنين منهم بعيدين عنه بقليل لم يموتوا من الحادث.
امرأة شابة وطفل ذكر, كان الاثنين يصيحان : "ماء ...ماء "
قام السكان المحليين الذين شاهدوا الحادث باصطحاب الإثنين إلى المستشفي القريب .
بسرعة حضرت الشرطة إلى مكان الحادث وبدأت استجواب الشهود المحليين الذين عرفوا على الفور هوية الأشخاص القتلى في حادث القطار.
كل القتلى كانوا أفراد من نفس العائلة وكانوا هم :
هناء أنور البالغة من العمر 60 عام وإبناها, عارف أنور 30 عام , وراهط أنور 22 عام .
أربع بنات هن : أكتار أنور 35 عام , مرشدة أنور 28 عام , مون أنور( يطلق عليها اسم موبي) 30 عام وشبنام أنور 18 عام واثنان من الأطفال هما أحفاد هناء وهما مولا وماو, اعمارهما 10 و 8 أعوام يقيمان في منزل العائلة الموجود بجوار السكة الحديد.
لكن الجثث كانت ممزقة بشدة لدرجة أنه كان من الصعب جدًا مطابقة أي جثة منها بفرد من أفراد العائلة.
كانت العائلة تقيم في منزل مكون من 5-6 غرف. ذهبت الشرطة إلى المنزل للتحقيق والبحث خلف الاسرة المنتحرة .في الداخل وجدوا في المطبخ اسماك صغيرة مقطعة وكذلك خضراوات طازجة كأنهم كانوا يعدون لتناول الطعام.
في فناء المنزل الخلفي وجدت الشرطة حفرة كبيرة , وكأنها قبر تم حفره لكي يتسع لكل أفراد الأسرة كما وجدوا أنهم قد أعدوا أكفان لهم جميعًأ موجودة قريبًا من القبر الجماعي المفترض.
بمزيد من البحث اكشتفت الشرطة دفاتر فيها ملاحظات ويوميات بعضها مكتوب باللغة البنجالية وبعضها بالإنجليزية ,
استعانت الشرطة بخبراء لتوضيح ما في اليوميات التي بدأت كالآتي :
"نحن الأسرة الوحيدة في العالم المستقلة بذاتها ,
[*]الأسرة الوحيدة الخارجة على قانون محمد وعلى كل الأديان الأخرى,
[*]من نحن إذا ؟
[*]نحن آدم وذريته.
[*]آدم هو الحقيقة قبل كل شيء, سوف أحقق العدالة لكل المظلومين"
لم يستغرق الأمر وقت طويل حتى أدركت الشرطة سبب وجود لافتة موضوعة في الجزء الأمامي من البيت تحمل توقيع آدم..
كان المكتوب على اللوحة هو :
[*]منزل أسرة آدم...آجم هو من خلق الكون ,آدم هو الحقيقة فوق كل شيء,الحقيقة هي قانونه ووقته وانسانيته. ممنوع الدخول أو لمس أي شيء , إذا فعل أي شخص ذلك فسوف يحل عليه الإنتقام "
[*]التوقيع آدم 11 يوليو 2007.
بعد ان اكتشفت الشرطة الدلالات الدينية خلف هذا الإنتحار الجماعي سرعان ما أغلقت المنطقة وأعلنت المنزل مسرح جريمة لكن تفاصيل الإنتحار كانت قد تسربت إلى العامة ولذلك توافد مئات من الأشخاص على البيت لمشاهدة القبر الجماعي والأكفان ولوحة المنزل التي أطلقت عليها وسائل الإعلام اسم : "بيت آدم"
أعادت الشرطة فحص اليوميات بدقة أكبر ولاحظت أنه على الرغم من كل الإشارات إلى آدم وحواء إلا أن أي فرد من أفراد الاسرة لم يذكر الله أو المسيحية.
وجدت الشرطة في اليوميات إشارات إلى محاولة إنتحار سابقة قامت بها الأسرة.
كان الترتيب هو أن يوضع كرسي فوق السرير وعدة حبال تعلق في السقف ويقوم كل شخص منهم بشنق نفسه فيها , لم يعتبروا الموضوع إنتحار ولكنهم اعتبروه فرصة لمقابلة والدهم وشقيقهم الأكبر المتوفيين لكنهم لم ينفذوا خطة الإنتحار في ذلك الوقت.
في غرفة أخرى عثرت الشرطة على شموع وأوراق وأواني, في البداية كانوا يظنوا أنها أواني للطهي لكن سرعان ما اتضح أن الهدف منها كان هدفًا روحيًا للتواصل مع أرواح الموتى.

* قامت الشرطة باستجواب جيران الأسرة والمسؤل المحلي للمنطقة الذي قال أن أفراد الأسرة ليس لديهم أي صلة بأي شخص في المنطقة وأنهم لا يزورون أي شخص من الجيران ولم يقم اي من الجيران بزيارتهم منذ وقت طويل ورغم ذلك لم تكن علاقتهم سيئة بجيرانهم.
فتحت الشرطة تحقيق عميق في خلفية الأسرة ومعتقداتهم .
كان الرجل الذي أسس بيت آدم يدعى : انور حسين.
أنور كان مسلم الديانة, ضابط في الجيش البنجلادشي تقاعد في الثمانينات أو أوائل التسعينات .
بعد التقاعد بدأ أنور يحضر ويستضيف العديد من الأنشطة الدينية عنده , وبدأ البعض يطلق عليه ألقاب مثل : فقير و درويش.
لكن مع الوقت بدات أفكاره تنحرف عن الفكر والعقيدة الإسلامية لدرجة أنه بدأ يدخل في مجادلات حادة مع أشخاص مسلمين وأتباع ديانات أخرى.
إحدى حالات الجدال والمناقشات الحادة كانت في العام 1995 كان في إحدى القرى ودخل في جدال وخلاف حاد مع بعض الأشخاص انتهى بالتعدي عليه بالضرب.
بعد هذا الموقف قلل أنور بشكل كبير عدد الناس الذين يسمح لهم بدخول بيته وكذلك فعل أهل بيته.
كما توترت علاقته مع أقاربه الذين منعهم من دخول منزله.
بعدها وبشكل مفاجيء تحول أنور إلى المسيحية مما زاد من خلافه وتوترت العلاقة أكثر مع أقاربه الذين رفضوا تحوله وأسرته للمسيحية.
قام أنور بتعميد أفراد أسرته وتحويلهم إلى المسيحية وكذلك بعض الأشخاص الغرباء الذين كانوا شاركوه أفكاره واقتنعوا بها.
ابنه الأكبر عارف آدم ( اسمه الذي أطلق عليه بعد الولادة هو أنور ماهين وتقول بعض المصادر أنه درس في أكسفورد )
كان هو تلميذه وتابعه الأهم , كان الإثنان يقضيان ساعات طويلة في الـتأمل , خلال هذا الوقت كان أنور وأسرته يتباعدون عن أقاربهم ومعارفهم بشكل تلقائي والذين حاولوا حبسه فصرخ فيهم وطردهم من منزله.
مات أنور في مستشفى في دكا عاصمة بنجلادش يوم 10 يوليو عام 2000.
قبل موته ترك الرجل تعليمات لأسرته لما يفعلون بجسده بعد الموت.
[*]كانت التعليمات تقول :
[*]" بعد الموت لا تقيموا لي أي جنازة , لا تغسلوني ولا تلبسوني الكفن .ادفنوني في نفس الحالة وبنفس الملابس التي أموت بها. لا تضعوني في أي مقبرة. احفروا لي حفرة في داخل منزلي لكي أدفن فيها .اجعلوا رأسي إلى الشرق ورجلي إلى الغرب ووجهي إلى الجنوب .
[*]إذا دفنتوني بطريقة مختلفة سوف أنتقم منكم "
حاولت العائلة تنفيذ تعليماته لكن أهل القرية والسلطات المحلية لم تسمح بذلك وقاموا بدفنه بالطريقة التقليدية بعد الغسل والجنازة.
بعد دفن أنور انتقلت أسرته إلى العاصمة دكا. عارف ابنه الأكبر تولى رئاسة العائلة بعد وفاته , كان لدى عارف وظيفة هامة احتفظ بها, عميد كلية في جامعة دكا لكنه قتل في العام 2005 بعد هجوم تعرض له من أشخاص مجهولين في جريمة لم يتم حلها.
بعد وفاة عارف عادت الأسرة إلى القرية التي نشأوا فيها وتولى قيادة الأسرة الإبن الثاني أكتاري أنور.
استمرت الاسرة في القيام بطقوس التأمل المنتظم لساعات طويلة من أجل الوصول لمرحلة التواصل مع ارواح الموتى لكي يتحدثوا مع روح عارف وأنور.
مع الوقت بدأ أفراد الاسرة يشعرون كما لو كان أنور يتحدث من خلالهم.
عندما قامت الشرطة باستجواب أفراد من الطائفة المسيحية في منطقة ميمينسينغ نفوا أن يكونوا رأوا أو سمعوا عن العائلة وأن الكنيسة هناك لم تقوم بتعميدهم أو حضور اي احتفالات أو مناسبات لهم.
المحقق الرئيسي في قضية أسرة آدم وبعد دراسة وبحث في كل الأحداث تأكد أن
الأسرة لم تكن تعتنق اي دين , قال الرجل :
[*]"في الواقع لم يؤمنوا بأي دين تقليدي "
بحسب مذكراتهم كانوا في وقت من الأوقات يعبدوا "كالي" يبدو أنهم لم يجدوا خلاصهم المتوقع في المسيحية . كانوا يبحثون عن حياة حرة خارج ضوابط وتعاليم الأديان .
كانوا يرغبون في الحياة كما عاش آدم وحواء في الأيام الأولى للأرض , هذا هو السبب الذي جعلهم يطلقوا على أنفسهم عائلة آدم.
وفقا لمعتقداتهم كان آدم هو البشري والرجل الأول في الوجود على الإطلاق وأن الله لم يخلق آدم ولكن آدم هو خالق نفسه وبالتبعية فإن كل شخص موجود الآن هو جزء من آدم أو كما أطلقوا عليهم " بني آدم " أما آدم نفسه فما زال موجود ويتجسد في جسد كلما مات جسده تجسد في آخر.
عقيدة تناسخ الأرواح التي يؤمن بها الهنود..
يوم 14 يوليو من العام 2007 حدث تطور جديد في القضية...
تقدمت امرأة في مقاطعة براهمانباريا للشرطة وعرفت نفسها على أنها " موبي أنور" إحدى بنات أنور وواحدة من أولئك الذين قال الإعلام أنهم ماتوا في حادث الإنتحار الجماعي.
تم التعرف عليها أنها بالفعل موبي أنور.
أوضحت موبي أنها لم تشارك العائلة معتقداتها ولم تكن جزء من طقوسهم ولا جزء من بيت آدم ولكن هناك اثنين من أقاربها هما مولا وماو كانا بالفعل أعضاء متفانين في الجماعة ومن بين القتلى.
لكن موبي لم تقبل القضية على أنها انتحار جماعي وادعت أنها قضية قتل مع سبق الإصرار .
ذكرت موبي أنهم نفس الجناة الذين قتلوا عارف عام 2005 قاموا باقتحام المنزل وأخرجوا الاسرة بالقوة وألقوا بهم أسفل القطار.
لكن الشرطة كان لديها مشكلة في قبول تلك الرواية بسبب شهادة سائقي القطار.
كما أن كل اليوميات التي تظهر أفكار ونوايا الاسرة كانت مكتوبة بخط أيديهم ولا شك في ذلك.
بقيت مشكلة هامة...
الرفات المنسوبة لموبي أنور لمن تكون بعد أن اتضح أنها لم تموت ؟
كان لدى الشرطة دليل على هويتها فقد ذكر في اليوميات اسم امرأة تدعى " لينا"
تذكر لينا أنها ووالديها كانوا من تلاميذ واتباع أنور وكانوا يزورونه بانتظام في البيت لكن والديها اختلفوا معه وتوقفوا فجأة عن زيارته لكن لينا اختلفت مع والديها وظلت تتبعه كما غيرت اسمها إلى " لينا أنور" .
لكن تحقيقات الشرطة لم تؤدّي لمعرفة هوية لينا الحقيقية فلم يتقدم أحد ليذكر أنه يعرفها .ظلت هويتها غامضة وغير معروفة.
في النهاية قامت مؤسسة بنجلاديش للأعمال الخيرية والرعاية الإجتماعية بدفن الجثث وفقًا للشعائر الإسلامية ومن ضمنها جثة المرأة الغامضة.
تمت.
تحياتي ..
أحمد عبد الرحيم.