e-Dewan.com

💢 حصري قصيدةُ "واحرَّ قلباهُ"في نقدٍ وتفسيرٍ

  • ناشر الموضوع Raneem Alkadiry
  • تاريخ البدء
  • الردود 0
  • المشاهدات 345

العنوان:
💢 حصري قصيدةُ "واحرَّ قلباهُ"في نقدٍ وتفسيرٍ

💢 الموضوع يحتوي على محتوى حصري.

مرحبا ً بك في الــديــوان الإلكتروني

أهلا وسهلا بك زائرنا العزيز في الــديــوان الإلكتروني.

انظم إلينا و تمتع بتجربة رائعة, ستجد كل ما تبحث عنه.

التسجيل مجاني بالكامل

Mutanabi
شعرُ المتنبّي شعرٌ خالدٌ يُستَحدثُ ويتبدَّدُ مع كلِّ عصرٍ ويكادُ المرءُ يجدُ في ربعَ مخزونهِ الشعريِّ أبياتِ المُتنبّي ، فإن كانَ الشّخصُ يحفظُ 12 قصيدةً ف 3 منها ستكونُ للمتنبّي ، وإن كانَ يحفظُ 8 أبياتٍ فبيْتانِ حتمًا للمتنبّي ، أعجبَ الكثيرينَ وترجمَ لهُ في رواياتٍ عديدةٍ كُتّابُ أجانبَ في حينِ قلّةِ المُترجمينَ العرب ، فصيحٌ هو ، تميَّزَ شعرهُ بالبلاغةِ والإيجازِ وقوَّةِ الألفاظِ ، ولا يكادُ المرءُ يقرأهُ حتّى تُباشِرَ نيَّتُهُ في اللّحِّ عليهِ ليحفظَ ما قرَأَ ، أمّا اليوم فسنأخذُ بيدِ أبياتهِ العنانَ لأرواحنا حتّى تُلامِسَ أطيافَ ومعاني القصيدةِ الّتي أودت بحياتهِ في رحابِ سيفِ الدّولةِ

واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ​

وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ​

مَطلعُ القصيدةِ يبدأُ بالعجب من ذو القلبِ الباردِ الّذي يُشعلُ فتيلًا في قلبِ المتنبّي ويسيءُ حالتهُ لأجلِ ما يُعاني منهُ من تجاهُلٍ وفُتورٍ نَحوهُ ، ومن ثُمَّ يقولُ أنَّ الشَّخصَ لا فائدةَ تُرجى من عيْنيهِ وبصيرتهِ إن لَم يُميِّز بينَ الظلّامِ والنّورِ ، والحقِّ والباطلِ ويقصدُ أيضًا أنَّ الفرقَ بينهُ وبينَ ذي القلبِ الشّبم -أي البارد- ظاهرٌ وعلى النّاسِ أن تُميّزهُ إن كانت لهُم أعيُنُ .

سيعلُم الجمعُ ممن ضمَّ مجلسُنا بأنني خيرُ من تسعى به قَدَمُ​

أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ​

يمدَحُ المتنبّي نفسهُ قائلًا أنّهُ أفضلُ من تسيرُ لهُ الأقدامُ وأنَّ النّاسَ تأتي إليهِ من جميعِ بقاعِ الأرضِ ليسألوهُ عن شعرهِ وعلى مجلسِ سيفِ الدّولةِ أن يعلمَ بهذا ويُقِرَّ بهِ ، ويستمرُّ في الثّناءِ على شخصهِ وشعرهِ بتراكيبَ مجازيَّةٍ قائلًا أنَّ الأعمى يستطيعُ مُلاحظةَ فنِّهِ الشّعريِّ والأصمَّ سيعجبُ من وقعِ الكلماتِ الّتي سمعها من أبياتِ المُتنبّي ، ويكمنُ سببُ قول هذه الأبياتِ محاولةَ إغاظةِ شُعراءِ الدّولةِ العبّاسيَّةِ تحتَ إمرَةِ سيْفِ الدّولةِ .

أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ​

إِذا رأيتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ​

يظلُّ المتنبّي في هذهِ الأبياتِ يُثني على شعرهِ حيثُ يزعمُ أنَّ الكثيرَ لا ينامُ في المجالسِ ويختصمونَ حيالَ معاني قصائدهِ ومُفرداتهِ وتعدُّدِ دلالاتِها ، وقد صدقَ .. فما زالَ الكثيرونَ حتّى اليوم يسهرون رغبةَ تفسيرِ الغريبِ من ألفاظهِ بينما هوَ ينامُ براحةٍ لأنّهُ يعلمُ ما يشاءُ من كلِّ غريبٍ جديدٍ عكسَ الآخرين، ومن ثُمَّ يهجو بعضًا منَ الأشخاصِ الّذينَ في مُحيطهِ قاصِدًا شرَّ صنيعهم ولو تَظاهروا بعكسِ ذلكَ واصطنعوا البراءةَ والجهلَ.

الخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ​

صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِداً حَتّى تَعَجَّبَ مِنّي القورُ وَالأَكَمُ​

وهُنا يَصِفُ نفسهُ بصفاتِ الشّجعانِ ، فالخَيلُ يعرفهُ لمهارتهِ في الفروسيَّةِ ، اللّيلُ يعرفهُ لكثرةِ سهرهِ فيه وكتابةِ قصائدهِ في ذلكَ الوقتِ ،والبيداء -أي الصّحراء- تعرفهُ لكثرةِ ضربهِ فيها ومسيرتهِ المتواصلةِ بينَ هضابِها أمّا السّيفُ والرّمحُ فهما يجسّدانَ المُقاتل المُحارِب الّذي يرمي فيُصيبُ رَميَتهُ والقِرطاسُ والقلمُ كنايةٌ عن إبداعِهِ من خلالهما. يُواصِلُ ثناءهُ ومدحهُ على نفسهِ قائلًا أنّهُ اصطحبَ معهُ الوحشَ في الفلوةِ فتعجّبتِ الحجارةُ والجبالُ منهُ ومن تصرّفهِ معَ الوحش ، وهذا تهديدٌ مُباشرٌ لكلِّ من حولهُ.

يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُم وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ​

ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ لَو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَم​

تتحوَّلُ الأبياتُ هُنا إلى ثناءٍ على الأشخاصِ القريبينَ منَ المُتنبّي فيقولَ : يا مَن لا نستطيعُ مفارقتهم في حياتِنا لا مذاقَ لشيءٍ بعدكمُ ، ثُمَّ يقولُ أنَّهم لو عرفوهُ لأكرموهُ لأنَّهُ أهلٌ للتّكرمةِ ولأنّهم على خُلُقٍ كريمٍ.

إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ​

كَم تَطلُبونَ لَنا عَيباً فَيُعجِزُكُم وَيَكرَهُ اللَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ​

وهُنا تتبيَّنُ محبَّةُ المتنبّي الكاملةُ في أبهى صورها حيث أنَّهُ يغفرُ لمحبّيهِ ولو أعجبهم ذمُّهُ ، وثمَّ يفسُّرُ هذا ببحثهم المتواصلِ والدّؤوبِ عن عيْبٍ يختلقونهُ أو يجدونهُ ليتعاملوا معهُ بأسلوبٍ غيرِ لائقٍ ولكنَّ هذا يُعجزهم فاللهُ يكرهُ ما يفعلونهُ ولو جُبِلوا على الكَرمِ الشّديدِ ، وهذا ضِمنًا هجاءٌ لسيفِ الدّولةِ الحمدانيِّ الّذي يحبُّهُ المتنبّي حُبًّا شديدًا ولكنَّ الحمدانيَّ يُنصِتُ إلى أعداءِ المُتنبّي ويأخُذُ بأقاويلهم.

ما أَبعَدَ العَيبَ وَالنُقصانَ عَن شَرَفي أَنا الثُرَيّا وَذانِ الشَيبُ وَالهَرَمُ​

لَيتَ الغَمامَ الَّذي عِندي صَواعِقُهُ يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عِندَهُ الدِيَمُ​

وكعادتهِ أبو الطّيبِ لا يكفُّ عن مدحِ نفسهِ في هذه القصيدةِ والحَقُّ يُقالُ أنّهُ يستحقُّ الاعتدادَ بنفسهِ ، فيضربُ قائلًا أنَّ لا عيْبَ يُعيبُهُ وهوَ الثّريّا أي نجمةٌ في السّماءِ ولكن يؤذيهِ كبرُهُ في السّنِّ، ومن ثُمَّ يتمنّى المُتنبّي من جديدٍ أن يُعاوِدَ سيفُ الدّولةِ كرمه عليهِ فهو لا يرى من سحابةِ جودهِ إلّا الصّواعقَ والضّرباتِ

إِذا تَرَحَّلتَ عَن قَومٍ وَقَد قَدَروا أَن لا تُفارِقَهُم فَالراحِلونَ هُمُ​

شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ وَشَرُّ ما يَ****ِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ​

ثُمَّ يقولُ المتنبّي أنَّ الشَّخصَ الّذي يستطيعُ إكرامَ الضّيوفِ إن ابتعدَ فلا عتبَ على الضّيوفِ، المُضيفُ هو الرّاحِلُ أوّلًا ويؤيُّدُ قرارَ رحيلهِ أنَّ البلادَ هذهِ ماعادَ لهُ فيها أصدقاءُ فهي شرُّ البلادِ وأنَّ أسوءَ شيءٍ قد يحصلُ للشّخصِ هي السّمعةُ السّيئةُ .


والآن، وبعدَ أن أنهيْنا شرحَ أغلب أبياتِ القصيدة، هاكُم أطرِبوا مسامعكم بهذا الفنَّ العريقِ :
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الوسائط

والسّؤالُ لكم .. هل تعرفونَ البيتَ الّذي أودى بحياتهِ من هذهِ القصيدةِ ؟

 
أعلى