- المشاهدات: 158
- الردود: 2
للاستماع للنسخة الصوتية.
تعتبر شركة "بوينغ" للصناعات الجوية و الفضائية واحدة من أكبر الشركات في المجال و أكثرها شهرة على المستوى العالمي، الشركة الأمريكية و التي تأسست عام 1916 استطاعت شق طريقها نحو القمة بخطوات ثابتة لتصبح واحدة من أهم الأسماء في الساحة، و اليوم تبلغ عائداتها ما يقارب 77 مليار دولار مع قدرة تصنيع عالية بمعدل 480 طائرة تجارية في العام الواحد و 180 طائرة عسكرية و 5 أقمار صناعية. أرقام تضع سمعة بوينغ في وضعية جد مريحة في عالم المال و الأعمال و حتى في مواجهة أهم منافسيها، شركة "إيرباس" الفرنسية و التي تعتبر حديثة لحد كبير. لكن بيت أوراق بوينغ المثالي تمت زحزحته مؤخرا علي يدي "جون بارنيت"، الذي خرج بتصريحات قوية تتعلق بسلامة طائرات الشركة الأمريكية، لكن حبل أحاديثه قطع قصيرا بعدما وجد الأخير ميتا بجروح "شخصية" سببها طلق ناري، فهل قتل بارنيت نفسه فعلا أم أن هناك صورة أكبر تقبع خلف إنتحاره؟.
جون بارنيت (المصدر: india today)
في عالم السياسة و المال على المستوى العالي، الواشي أو whistblower بالإنجليزية يعتبر متغيرا صعب التنبؤ و إنذارا لسمعة أي مؤسسة و جهاز علاقاتها العامة لذلك تعمد معظم الشركات الكبرى على فرض إتفاقيات عدم الإفصاح (non- disclosure agreement) على جميع موظفيها حفاظا على أسرار الشركة سيئة كانت أم جيدة، و يبدو أن بوينغ المنتشية بنجاحها لم ترى ضرورة لذلك ما خلق لها بعد أكثر من قرن على تأسيسها مشاكل لم تكن متوقعة، فوفاة بارنيت قد تحسب كعملية انتحار من قبل الشرطة لكنها بالتأكيد لغز محير خاصة بالنظر لوقتها الحساس و الظروف الغامضة المحيطة بها و الدافع القوي الذي تملكه شركة بوينغ.
عمل جون بارنيت في شركة بوينغ لمدة 32 عاما و تقاعد منها عام 2017 دون إحداث أي ضجة لكنه أخذ على عاتقه بعد الخروج مسؤولية التحدث أو بالأحرى فضح التقاعس الذي كان يحدث داخل مستودعات تركيب الشركة، خاصة بعد حادثة طائرة ألاسكا الأخيرة أين سقط باب طائرة بوينغ التابعة لخطوط ألاسكا الجوية في منتصف الرحلة ما دفعها للقيام بهبوط اضطراري. كانت مؤسسة B.B.C البريطانية السباقة للحديث مع جون حول مشاكل طائرات الشركة وفق وكالة رويترز، و قد ناقشت موضوع سلامة الطائرات معه داخليا.
وفقا لمقال صادر في موقع صحيفة نيويورك بوست الإلكتروني بعنوان: "داخل لحظات واشِ بوينغ الأخيرة- جون بارنيت لم يبدو مكتئبا الليلة التي سبقت وفاته". فإن هذا الأخير كان في حالة معنوية جيدة، إذ تناول عشاءه بشكل طبيعي و حسب ما قاله موظف في فندق هوليداي إن الذي كان جون مستقرا فيه فإن الأهير طلب طبق كاساديا و مشروبا غازيا و تناول وجبته بشكل عادي و هو يتصفح هاتفه.
"لم أفكر في الرجل إطلاقا حتى سمعت بخبر وفاته اليوم الموالي، لم يبد الرجل مستاءا على الاطلاق". قال الموظف متحدثا لصحيفة نيويورك بوست.
بارنيت كان من المفترض أن يدلي بشهادته سرا في قضيته التي رفعها ضد شركة الطيران العملاقة لكنه لم يظهر أبدا ووجد مقتولا يوم التاسع من مارس عام 2024 برصاصة في رأسه داخل سيارته في مرآب فندق هوليداي إن أين كان يمكث.
قالت الشرطة أنها وجدت سلاحا بلون فضي في يده لحظة العثور عليه و خلص الطبيب الشرعي إلى أن وفاته كانت إنتحارا لكنه أكد على أن ذلك ليس الحكم النهائي و أن الشرطة ستقوم بالمزيد من التحقيق قبل الفصل في القضية.
العديد من أصدقاء جون و معارفه أكدوا بشكل قاطع أنه لم يكن مكتئبا إطلاقا، رغم أنه فقد زوجته إلا أنه كان مركزا على قضيته ضد بوينغ، وأعرب محامو بارنيت، روبرت توركوويتز وبريان نولز، عن شكوكهم بشأن فكرة وفاة بارنيت منتحرا في بيان صدر يوم الثلاثاء.
"لقد كان في حالة معنوية جيدة جدًا ويتطلع حقًا إلى ترك هذه المرحلة من حياته خلفه والمضي قدمًا. ولم نر أي إشارة إلى أنه سينهي حياته. لا أحد يستطيع أن يصدق ذلك”.
قال إيمري إنه سيتذكر بارنيت باعتباره "رجلًا قويًا" و"ودودًا حقًا" و"كريمًا".
"لقد كان يساعد الناس دائمًا. كان يتمتع بروح الدعابة الجافة، وكان ذكيًا جدًا. يمكنك أن تقول أنه كان مفكراً”.
"جون هو الشخص الذي لم يعجبه الاهتمام حقًا. ربما لم يلتقط صورة سيلفي في حياته. لقد رأى أن هذا أمر نبيل كان يفعله.
"لم يفعل ذلك ليصنع اسمًا لنفسه. لقد أجرى المقابلات لأنه اعتقد أن ذلك سيساعد في الحفاظ على سلامة الناس".
كان بارنيت مديرًا للجودة في الشركة. و أدى عمله بشكل طبيعي حتى عام 2010 عندما تم نقله إلى مصنع بوينغ 787 في تشارلستون.
قالت العائلة: "لقد تغيرت الأمور كثيرًا بالنسبة له عندما علم أن الإدارة العليا كانت تضغط على مفتشي الجودة والمديرين لتقليص الحدود و الزوايا وعدم اتباع العمليات والإجراءات التي يطلب منهم القانون اتباعها".
وزعمت العائلة أن شركة بوينغ ضغطت على العمال لغض النظر على العيوب لتجنب إبطاء عملية التجميع، وأن أولئك الذين رفضوا "تم تصنيفهم على أنهم مثيري المشاكل، وتم الانتقام منهم، وإخضاعهم لبيئة عمل معادية".
وقالت بوينغ في بيان لصحيفة The Post: “نشعر بالحزن لوفاة السيد بارنيت، وأفكارنا مع عائلته وأصدقائه”. دون أي إضافة.
زملاء في العمل و أصدقاء و معلقون على مواقع التواصل الإجتماعي قالوا أن وفاة جون كانت عملا مخططا له بشكل كلي و أكدوا على أن بوينغ كانت فعلا تتغاضى عن المشاكل التي قد تعيب طائراتها لتسريع عملية التجميع منددين في الوقت ذاته بتقاعس السلطات في حماية جون الذي ربما قتل نفسه فعله لكن تحت التهديد و ربما كان مكتئبا فعلا و كل ما كان على بوينغ القيام به هو وضع السلاح في يده فقط.
قضية جون لازالت مفتوحة حتى اللحظة و التطورات فيها قد تأخذ منحنى خطيرا إذا ثبت أنه لم يقتل نفسه.
المصادر:
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط
يجب تسجيل الدخول لمشاهدة الروابط
